ما حكم من يسمع الأغاني والقرآن معًا؟

أنا شاب عمري 22 عاماً، أحب أن أستمع إلى الأغاني كثيراً، فهي تعبر عني وعن مشاعري، وأيضاً أحب الاستماع إلى القرآن، وأستمع له بين الحين والآخر، ودائماً ما أتسائل هل هناك حكم ما لأنني أجمع في استماعي بين القرآن والأغاني؟

اسأل الله أن يهدي قلبك وينقّي فؤادك ويلهمك الصواب.

استماع الأغاني المشتملة على الموسيقى والمعازف محرم، وإذا كانت كلماتها تشتمل على ما فيه فحش أو إثارة للشهوات والغرائز كانت الحرمة أشد، وإذا جمعت إلى ذلك النظر إلى المقاطع التمثيلية -الفيديو كليب- التي ترافق هذه الأغاني وما فيها من رقص ومجون كانت الحرمة أشد وأشد.

فالحكم الشرعي لا يُبنى على جمعك بين الاستماع إلى الأغاني والقرآن، بل هو مبني على مجرد استماعك لتلك الأغاني، وإن كان استماعك للقرآن في المقابل أخف من تركك استماع القرآن بالكلية.

لأن القلب هو سيد البدن، وبصلاحه يصلح البدن وبفساده يفسد البدن، وهذا القلب وعاء ينضح بما تُعبّئه وتُغذّيه، فإن كانت المادة التي تعبّئها فيه وتغذيه بها مادة صالحة صلح القلب وصلح البدن، وإذا كانت فاسدة فسد القلب وفسد البدن.

والغناء والموسيقى مادة فاسدة تفسد قلبك وتجعله مليئاً بالشهوات، قال الله -تعالى-: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ)، “سورة لقمان: 6” ولهو الحديث المذكور في الآية فسّره ابن مسعود -رضي الله عنه- بالغناء.

وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: “عن أبي الصهباء البكري أنه سمع عبد الله بن مسعود وهو يُسأل عن هذه الآية: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ)، فقال عبد الله: الغناء، والله الذي لا إله إلا هو، يردّدها ثلاث مرات”.

وكذا قال ابن عباس، وجابر، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومجاهد، ومكحول، وعمرو بن شعيب، وعلي بن بذيمة، وقال الحسن البصري: أُنزلت هذه الآية في الغناء والمزامير.

فالسلف رحمهم الله متفقون على أن الغناء والمزامير من لهو الحديث الذي يصدّ عن ذكر الله ويشغل القلب عما ينفعه ويصلحه، فصلاح القلب ونفعه إنما يكون بملئه بما ينفعه من قرآن وذكر وتدبر في ملكوت الله وآياته أو بالعلم النافع حقاً، أما الغناء فليس فيه ما ينفع بل هو مضرة.

وتفسيرك لحبك لسماعها بأنها تعبر عن مشاعرك لا يضيف شيئاً تستفيد منه في حياتك حقاً، فلو افترضنا أن فيها تعبيراً عن مشاعرك فأي منفعة في ذلك في مقابل ما يترتب على ذلك من مفاسد عظيمة على قلبك ودينك؟!

فإنك لو تاملت في قلبك حقيقة لوجدت أن طربك وميلك وراحتك صارت بالغناء، وأن فهمك وتدبرك للقرآن وعملك بما فيه لا يكاد يذكر، فالشيطان يسوّل لك ابتداءً الجمع بين القرآن والغناء، ثم تصبح راحتك بالغناء وحده، لذلك كان الغناء هو رقية الشيطان كما يُقال.

قال ابن القيم رحمه الله: “الغناء من مكايد الشيطان ومصايده التي يكيد بها من قل نصيبه من العلم والعقل والدين ويفسد بها قلوب الجاهلين والمبطلين، يبعد به القلوب عن القرآن، ويجعلها عاكفة على الفسوق والعصيان هو قرآن الشيطان، والحجاب الكثيف عن الرحمن”.

وقال -رحمه الله-:

حب القرآن وحب ألحان الغناء

في قلب عبد ليس يجتمعان

والله تعالى أعلم