شعر عمر بن ابي ربيعة في الغزل
حياة عمر بن أبي ربيعة
ولد الشاعر عمر بن أبي ربيعة في نفس الليلة التي قُتل فيها خليفة المسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، فسماه أبوه باسمه، وكان ينتمي إلى بيت ثري، فعاش حياة مرفهة مليئة بالترف في بيت أمه، وكان اختلاطه بالجواري والنساء مُباحاً، وتزوج الشاعر من كلثم بنت سعد المخزومية، وأنجبت له ولدين ثم توفاها الله، ليتزوج مرة أخرى من زينب بنت موسى الجمحية وأنجب منها ولداً.
محتويات الموضوع
وكانت هيئة الشاعر شديدة الجمال والوسامة، كما كان يملك ثروة كبيرةً، الأمر الذي جعله يعيش حياة ترف ورفاهية، فكان يذهب إلى مجالس الغناء ليختلط بالنساء، ويكتب شعر الغزل الصريح فيهن، كما قد ذُكر أنه كان يذهب إلى الحج لرؤية النساء الجميلات القادمات من بلاد اليمن والحجار، وكان يتغزل فيهن بالشعر، وعندما علم الخليفة عمر بن عبد العزيز بهذا الأمر، اشتد غضبه وقام بنفي عمر بن أبي ربيعة إلى بلاد دهلك، حتى تاب الشاعر مع تقدمه في السن، إلى أن توفى في العالم الثالث والتسعين من الهجرة.
خصائص شعر عمر بن أبي ربيعة
تميز شعر عمر بن أبي ربيعة ببعض الخصائص ومنها:
- كان شعر عمر بن أبي ربيعة يخلط بين الجد والمزاح، كما كان متميزاً في كتابته للأبيات عن من سبقوه.
- قام الشاعر بتطبيق مبدأ الوحدة في شعره، وذلك من خلال وحدة الشكل والمضمون، فنجد أن معاني القصيدة متكاملة ولا يمكن تقسيم الأبيات أو تجزئتها.
- وما يميز شعره هو أنه خالي من المقدمات التقليدية التي كان يكتبها شعراء عصره، فكان يتكلم مباشرة في غزل النساء.
- ونجد أن أبيات الشاعر تأخذ شكل القصة والحكاية، فكان يروي الأحداث والمشاعر بين العاشقين.
- أما عن ألفاظ الشعر فتتميز بالسهولة، وخلوها من التراكيب التي تحتاج إلى توضيح وبيان، وذلك لتتناسب الأبيات مع الغزل.
- وبالرغم من رقة الألفاظ، إلا أنها كانت قوية تتناسب مع مقام شعره وغرضه.
مقتطفات من شعر عمر بن ابي ربيعة في الغزل
يقول الشاعر عمر بن أبي ربيعة في قصيدة “حدث حديث فتاة حي مرة”:
حَدِّثْ حَديثَ فتاة ِ حَيٍّ مرّة ً بالجزعِ بين أذاخرٍ وحراءِ
قَالَتْ لِجَارَتِها عِشاءً، إذْ رَأَتْ نُزَهَ المَكَانِ وَغَيْبَة َ الأَعْدَاءِ
في رَوْضة ٍ يَمّمْنَهَا مَوْلِيَّة ٍ مَيْثَاءَ رَابِيَة ٍ بُعَيْدَ سَماءِ
في ظِلِّ دَانِيَة ِ الغُصُونِ وَرِيقَة ٍ نَبَتَتْ بأَبْطَحَ طَيِّبِ الثَّرياءِ
وكأنّ ريقتها صبيرُ غمامة ٍ بردت على صحوٍ بعيدَ ضحاء
ليتَ المغيري العشية َ أسعفتْ دارٌ بهِ، لتقاربِ الأهواءْ
إذ غابَ عنا منْ نخافُ، وطاوعتْ أرضٌ لنا بلذاذة ٍ وخلاء
قلتُ : اركبوا نزرِ التي زعمتْ لنا أن لا نباليها كبيرَ بلاءِ
بينا كذلكَ، إذ عجاجة ُ موكبٍ، رَفَعُوا ذَمِيلَ العِيسِ بِالصَّحْرَاءِ
قَالَتْ لِجَارَتِها انْظري ها، مَنْ أُولَى وتأملي منْ راكبُ الأدماء ؟
قَالتْ أَبُو الخَطَّاب أَعْرِفُ زِيَّهُ وَرَكُوبَهُ لا شَكَّ غَيْرَ خَفَاءِ
قَالَتْ وَهَلْ قَالَتْ نَعَمْ فَاسْتَبْشِري ممن يحبُّ لقيه، بلقاء
قالت : لقد جاءتْ، إذاً، أمنيتي، في غيرِ تكلفة ٍ وغيرِ عناء
مَا كُنْتُ أَرْجُو أَن يُلِمَّ بأَرْضِنَا إلا تمنيهُ، كبيرَ رجاء
فإذا المنى قد قربتْ بلقائه، وأجابَ في سرٍّ لنا وخلاء
لما تواقفنا وحييناهما، رَدَّتْ تَحِيَّتَنا عَلَى اسْتِحْيَاءِ
قلنَ : انزلوا فتيمموا لمطيكمْ غيباً تغيبهُ إلى الإماء .